أهم اتجاهات الموسيقى في المملكة العربية السعودية حالياً

3/19/20251 min read


مقدمة

تشهد المملكة العربية السعودية تحولاً ثقافياً وفنياً غير مسبوق في السنوات الأخيرة، وتعد الموسيقى أحد أبرز المجالات التي تعكس هذا التحول. فمع إطلاق رؤية المملكة 2030 وتأسيس هيئة الموسيقى السعودية، أصبح المشهد الموسيقي في المملكة يتطور بوتيرة متسارعة، مما أدى إلى ظهور اتجاهات موسيقية متنوعة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

في هذا التقرير، نستعرض أهم الاتجاهات الموسيقية في المملكة العربية السعودية حالياً، ونسلط الضوء على الجهود الرسمية والمبادرات التي تساهم في تطوير القطاع الموسيقي، بالإضافة إلى المهرجانات والفعاليات الموسيقية التي أصبحت تشكل جزءاً مهماً من المشهد الثقافي السعودي.

استراتيجية تطوير القطاع الموسيقي في المملكة

أطلقت هيئة الموسيقى السعودية استراتيجية شاملة لتطوير القطاع الموسيقي في المملكة، وهي خطة وطنية سعودية لتنمية القطاع الموسيقي تعمل وفق خمس ركائز أساسية:

1. التعليم الموسيقي

تسعى هيئة الموسيقى لتعزيز التعليم كركيزة أساسية من خلال إطلاق عدة مبادرات، منها:
- إنشاء ثلاثة مراكز موسيقية لتعليم هواة الموسيقى وتدريبهم في مدن الرياض وجدة والدمام.
- تأسيس أول أكاديمية افتراضية للتعليم الإلكتروني في العالم تستخدم تقنية الواقع المعزز، وتضم أكثر من 50 تخصصاً موسيقياً.
- تدشين المعهد العالي للموسيقى لتخريج موسيقيين محترفين.
- تأسيس بيت العود المختص في كل ما يتعلق بآلة العود، وهو ما يعكس الاهتمام بالآلات الموسيقية التقليدية.
- إنشاء أكاديمية الموسيقى العربية ومركز الأبحاث الموسيقية بالدرعية.

في عام 2022، أطلقت هيئة الموسيقى برنامج الثقافة الموسيقية بالتعاون مع وزارة التعليم، وهو نشاط لا صفي متاح عبر منصة مدرستي التابعة لوزارة التعليم، يتناول موضوعات موسيقية منوعة، مثل التعريف بالشخصيات الموسيقية والتراث الموسيقي السعودي.

2. الإنتاج الموسيقي

تتضمن مبادرات هيئة الموسيقى لدعم ركيزة الإنتاج:
- بناء استديو تسجيل رائد في مدينة الرياض يعد من أكبر الاستديوهات في العالم.
- تقديم البرامج الموسيقية لتطوير الموهوبين وصقل مهاراتهم.
- تشجيع القطاع الخاص على افتتاح استديوهات تسجيل في مختلف مناطق المملكة.
- توثيق الموسيقى التقليدية المعبرة عن الهوية السعودية والمحافظة عليها.
- إنشاء مكتبة متخصصة في الموسيقى تضم الأغاني التراثية والوطنية.
- تشجيع الفنانين المحليين على التأليف والتسجيل ودعمهم.

3. تقديم العروض الموسيقية وتوزيعها

تهدف هذه الركيزة إلى تجهيز المنصات لعرض المواهب الموسيقية، وتسهيل الوصول إلى الإنتاج الموسيقي السعودي، ومن مبادراتها:
- تشكيل الفرقة الوطنية السعودية للموسيقى التي تقدم عروضاً محلية وعالمية.
- تأسيس فرقة الكورال الوطني التي تضم مواهب غنائية سعودية.
- تأسيس أوركسترا الأطفال لاكتشاف المواهب الموسيقية في سن مبكرة.
- تقديم المهرجانات الموسيقية والعروض الفنية الثقافية في مختلف أنحاء المملكة.

4. الدعم والتوعية والترويج

تعمل هيئة الموسيقى عبر هذه الركيزة على زيادة وعي المجتمع بالأهمية الفنية والاجتماعية للموسيقى، من خلال:
- تقديم حملات التوعية "الموسيقى كمهنة" لتشجيع الشباب على احتراف الموسيقى.
- الاهتمام بتطوير تعليم الأطفال، مثل استثمار شخصية النمر العربي "دادان" كأداة تعليمية للأطفال، لتجمع بين الموسيقى والسرد القصصي.
- تعزيز الحوار بين صناع الموسيقى محلياً ودولياً، من خلال تنظيم مؤتمر "XP Music" الذي يجمع خبراء الموسيقى من مختلف أنحاء العالم.
- المشاركة في الفعاليات العالمية مثل فورمولا 1 جدة وإكسبو دبي 2020.

5. التراخيص والملكية الفكرية

تعد هذه الركيزة هي المعزز الرئيس للثقة بين شركاء هيئة الموسيقى، وبث روح التنافس بين الموهوبين، ومما تتضمنه من المبادرات:
- تعزيز جهود الهيئة السعودية لحقوق الملكية الفكرية (SAIP).
- رفع وعي المجتمع بالحقوق فيما يتعلق بصناعة الموسيقى.
- تطبيق قوانين حقوق النشر المعياري الدولي.
- تسهيل الحصول على التراخيص عبر منصة "أبدع".

أبرز الاتجاهات الموسيقية في السعودية حالياً

1. إحياء التراث الموسيقي السعودي بأسلوب معاصر

يشهد المشهد الموسيقي السعودي عودة قوية إلى الجذور والتراث، ولكن بأسلوب معاصر يتناسب مع الذائقة الحديثة. ويظهر هذا الاتجاه من خلال:

- العودة إلى الملامح الشرقية في كثير من ألحان الموسيقيين السعوديين المعاصرين، كما يظهر في أعمال عزيز الشافعي الذي يحرص على الظهور بالعود الشرقي، على خلاف ملحني جيله الذين اعتادوا الظهور بالغيتار.
- إقامة فعاليات مثل "الليلة السعودية" التي تقدم مختارات من أجمل الأغاني السعودية التراثية بأسلوب معاصر.
- تأسيس بيت العود المختص في كل ما يتعلق بآلة العود، مما يعكس الاهتمام بالآلات الموسيقية التقليدية.
- توثيق الموسيقى التقليدية السعودية والمحافظة عليها من خلال مبادرات هيئة الموسيقى.

ظهور محمد الشامي يعد تأكيداً على سطوة اللون الشعبي وإعادة دمجه في إطار موسيقي حديث، لكن أيضاً بتخفيف حمولته اللحنية، ليصبح الغناء أكثر اقتراباً من الخطاب العادي أو اليومي، أو إلى شكل آخر من الراب، الأقل خشونة، لكن بتنغيم شعبي.

2. المهرجانات الموسيقية الضخمة

أصبحت المهرجانات الموسيقية تشكل جزءاً مهماً من المشهد الثقافي السعودي، وتعد من أبرز الاتجاهات في المشهد الموسيقي الحالي:

مهرجان ساوند ستورم (Soundstorm)

يعد مهرجان ساوند ستورم الذي تنظمه شركة مدل بيست (MDLBEAST) من أكبر المهرجانات الموسيقية في الشرق الأوسط، ويقام سنوياً في الرياض. وقد تم الإعلان عن موعد النسخة القادمة من المهرجان في 11-12-13 ديسمبر 2025 في منطقة بنبان بالرياض.

يجمع المهرجان بين نجوم الموسيقى العالميين والمحليين، ويركز بشكل خاص على موسيقى الـ EDM (الموسيقى الإلكترونية الراقصة)، مما يعكس الاهتمام المتزايد بهذا النوع من الموسيقى في السعودية.

مهرجان بلد بيست (Balad Beast)

يقام مهرجان بلد بيست في جدة التاريخية، ويمزج بين التراث المعماري السعودي والموسيقى العصرية. أقيمت النسخة الأخيرة من المهرجان في 30-31 يناير 2025، وتميزت بتقديم 4 ساحات موسيقية مستوحاة من البلد وشوارعها.

يتميز المهرجان بتقديم تجربة فريدة تجمع بين الموسيقى والتراث، حيث يتم تحويل شوارع وأسواق "البلد" التاريخية إلى منصات للعروض الموسيقية، مما يخلق تجربة ثقافية فريدة تمزج بين الماضي والحاضر.

أسبوع الرياض الموسيقي

يعد أسبوع الرياض الموسيقي من أحدث الفعاليات الموسيقية في المملكة، حيث تم تنظيمه لأول مرة في ديسمبر 2024. يجمع الأسبوع بين المؤتمرات والعروض الموسيقية، ويتضمن فعاليات متنوعة مثل:

- مؤتمر XP لمستقبل الموسيقى الذي يناقش أحدث الاتجاهات والتحديات في عالم الموسيقى.
- هاكاثون موسيقي عالمي يجمع المبدعين في مجال الموسيقى والتكنولوجيا.
- فعالية "لحن المملكة" التي تركز على الموسيقى السعودية.
- فعالية "الغناء بالفصحى" التي تهدف إلى إحياء الغناء باللغة العربية الفصحى.
- فعالية "الطار" التي تسلط الضوء على هذه الآلة الإيقاعية التقليدية.

3. دمج الأساليب الموسيقية المختلفة

يتجه المشهد الموسيقي السعودي نحو دمج الأساليب الموسيقية المختلفة، سواء كانت تقليدية أو معاصرة، شرقية أو غربية. ويظهر هذا الاتجاه من خلال:

- تطوير أسلوب "البوب - تخت" على غرار مصطلح "البوب - باروك" في الغرب، وهو أسلوب يمزج البوب بعناصر من موسيقى الباروك.
- الاقتراب من البوب واستيعاب عناصر منه في بعض إنتاجات أغاني الأندرغراوند، خاصة بعد دخول شركات إنتاج موسيقية لاستيعاب هذا المجال.
- استخدام المقسوم على طريقة التسعينيات والثمانينيات في البوب العربي، مع إضافة لمسات معاصرة.
- دمج عناصر من روح أزمنة مختلفة في الوقت نفسه، مما يخلق اتصالاً بين أزمنة غنائية مختلفة.

كما يلاحظ عودة إلى الملامح الشرقية في كثير من الألحان، مع الحفاظ على استخدام الآلات الموسيقية التقليدية مثل العود، ولكن بأسلوب يتوافق مع الاتجاهات الحديثة في الموسيقى الغربية.

4. التعليم الموسيقي والتدريب

يشهد قطاع التعليم الموسيقي في السعودية نمواً كبيراً، ويعد من أبرز الاتجاهات الحالية:

- إنشاء ثلاثة مراكز موسيقية في الرياض وجدة والدمام لتعليم الهواة والمهتمين.
- تأسيس أول أكاديمية افتراضية للتعليم الإلكتروني تستخدم تقنية الواقع المعزز.
- تدشين المعهد العالي للموسيقى لتخريج موسيقيين محترفين.
- تقديم ورش عمل متخصصة في مختلف المجالات الموسيقية، مثل ورش عمل الدي جي وتحليل الأغاني.
- تنظيم دورات في الآلات الموسيقية المختلفة مثل الكمان والفيولا والعود.
- تقديم ورش عمل في أنماط موسيقية متنوعة مثل الفلامنكو.

يعكس هذا الاتجاه الاهتمام المتزايد بتطوير المواهب الموسيقية المحلية وتأهيلها للمنافسة عالمياً، وخلق جيل جديد من الموسيقيين السعوديين المحترفين.

5. الإنتاج الموسيقي المحلي

يتزايد الاهتمام بالإنتاج الموسيقي المحلي في السعودية، ويظهر ذلك من خلال:

- بناء استديو تسجيل رائد في مدينة الرياض يعد من أكبر الاستديوهات في العالم.
- تشجيع القطاع الخاص على افتتاح استديوهات تسجيل في مختلف مناطق المملكة.
- توثيق الموسيقى التقليدية المعبرة عن الهوية السعودية والمحافظة عليها.
- إنشاء مكتبة موسيقية شاملة للأغاني التراثية والوطنية.
- دعم الفنانين المحليين على التأليف والتسجيل.

يهدف هذا الاتجاه إلى تعزيز الإنتاج الموسيقي المحلي وجعله قادراً على المنافسة عالمياً، مع الحفاظ على الهوية الموسيقية السعودية.

تأثير التكنولوجيا على اتجاهات الموسيقى في السعودية

تلعب التكنولوجيا دوراً مهماً في تشكيل المشهد الموسيقي السعودي الحالي، ويظهر ذلك من خلال:

1. الذكاء الاصطناعي والإنتاج الموسيقي

بدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي تدخل في مجال الإنتاج الموسيقي في السعودية، حيث يتم استخدامها في:
- مزج وإنتاج الموسيقى بطرق مبتكرة.
- تطوير أدوات رقمية لمساعدة الموسيقيين في عملية الإبداع.
- تحليل الأنماط الموسيقية واقتراح تحسينات على الألحان والإيقاعات.

2. منصات البث الرقمي

ساهمت منصات البث الرقمي في زيادة انتشار الموسيقى السعودية محلياً وعالمياً، من خلال:
- تسهيل وصول الجمهور العالمي إلى الإنتاج الموسيقي السعودي.
- توفير منصة للمواهب الجديدة لعرض أعمالها دون الحاجة إلى شركات إنتاج تقليدية.
- تقديم بيانات وإحصاءات تساعد الفنانين على فهم تفضيلات الجمهور وتطوير أعمالهم وفقاً لذلك.

3. التقنيات التفاعلية في العروض الموسيقية

أصبحت التقنيات التفاعلية جزءاً لا يتجزأ من العروض الموسيقية في السعودية، خاصة في المهرجانات الكبرى مثل ساوند ستورم وبلد بيست، حيث يتم:
- استخدام تقنيات العرض المتطورة مثل الإضاءة الذكية والعروض الضوئية ثلاثية الأبعاد.
- دمج الفنون البصرية مع العروض الموسيقية لخلق تجربة متكاملة للجمهور.
- استخدام تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي لتعزيز تجربة المشاهدة.

4. التعليم الموسيقي الرقمي

تشهد السعودية تطوراً كبيراً في مجال التعليم الموسيقي الرقمي، من خلال:
- تأسيس أكاديمية افتراضية للتعليم الإلكتروني تستخدم تقنية الواقع المعزز.
- توفير دورات تدريبية عبر الإنترنت لتعليم الموسيقى، مما يتيح الوصول إلى شريحة أكبر من المهتمين.
- استخدام التطبيقات والبرامج الرقمية في تعليم العزف على الآلات الموسيقية المختلفة.

الخاتمة والتوقعات المستقبلية

يشهد المشهد الموسيقي في المملكة العربية السعودية تطوراً سريعاً ومستمراً، مدفوعاً بالدعم الحكومي من خلال هيئة الموسيقى واستراتيجيتها الشاملة لتطوير القطاع الموسيقي، بالإضافة إلى الاهتمام المتزايد من القطاع الخاص والجمهور.

ومن المتوقع أن تستمر الاتجاهات الحالية في النمو والتطور، مع ظهور اتجاهات جديدة تعكس التغيرات في المشهد الثقافي والاجتماعي السعودي. كما يتوقع أن تلعب التكنولوجيا دوراً أكبر في تشكيل مستقبل الموسيقى في المملكة، خاصة مع التطور المستمر في مجالات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والواقع الافتراضي.

وبشكل عام، يمكن القول إن المشهد الموسيقي السعودي يتجه نحو مزيد من الانفتاح والتنوع، مع الحفاظ على الهوية الثقافية السعودية، مما سيساهم في تعزيز مكانة المملكة على الخريطة الموسيقية العالمية.

المصادر

1. موقع العربي الجديد - مقال "الموسيقى في 2025: محاولة تنبّؤ في سياق عربي"
2. موقع المركز السعودي للموسيقى - قسم الفعاليات
3. موقع سعوديبيديا - مقال "استراتيجية تطوير القطاع الموسيقي"
4. موقع مدل بيست - صفحة مهرجان بلد بيست 2025
5. موقع بيلبورد عربية - صفحة أسبوع الرياض الموسيقي
6. موقع العرب - مقال "أسبوع الرياض الموسيقي يجمع خبراء الموسيقى حول العالم في السعودية"
7. موقع جسور بوست - مقال "السعودية.. إطلاق استراتيجية تطوير صناعة الموسيقى في المملكة"

أهم اتجاهات الموسيقى في المملكة العربية السعودية حالياً